إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
208222 مشاهدة print word pdf
line-top
احتجاب الله تعالى عن خلقه

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن هذا الكتاب اسمه كتاب العظمة يذكر فيه الأدلة على عظمة الخالق سبحانه وتعالى الذي ابتدأ خلق هذا الكون، وخلق ما فيه من آيات، ومن عجائب هذه المخلوقات. وقد أخبر سبحانه بأنه خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مع أنه تعالى قادر على أن يخلقها في لحظة إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وأخبر بأنه اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ كما يشاء.
ورد في الأدلة ما يدل على أنه احتجب عن خلقه كما يشاء. وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه هكذا أخبر بأن حجابه النور أو النار.
ورد في آثار أنه احتجب بحجب؛ في روايات سبعين حجابًا، وفي بعضها سبعين ألف حجاب، وفي بعضها أربعة آلاف حجاب. ولعل الاختلاف بسبب غلظ تلك الحجب حيث ذكر في بعضها أن كل حجاب من النور طباقه ما بين السماء والأرض، وأن من عدها أربعة آلاف أو سبعين ألفًا أو سبعمائة أو سبعة آلاف أو سبعين حجابًا أراد بذلك غلظ تلك الحجب أو رقتها الله أعلم بكيفيتها، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت أنها من النور. وفي ذلك ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه؟ أي: احتجب تعالى بالأنوار فلا يقدر أحد أن يثبت أمام عظمته. ولذلك حكى الله تعالى عن موسى أنه لما قرب من ربه وسمع كلامه طلب الرؤيا قال الله تعالى: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا .

line-bottom